فرحة عارمة ، ناطقة ، على وجه أمي العجوز ، فقد سمعت صوت أبى يتحدث من مكان قريب ، ظلت تردد أريد أن أذهب إلى بيتي ، الآن ، لن أنتظر أكثر من ذلك .
رغم هشاشة عظامها كعجوز تصارع كشاب فتى من أجل أن تتحرك من مكانها غير عابئة بعجزها ، ورغم كسر إضافي بمفصل الحركة بالرجل اليمنى والذى أقعدها تماما عن الحركة .
أبى الذى مات منذ ثمانية عشر عاما ، لا زال يحيرنا بقوة الرباط بينه وبين أمي حتى بعد موته ، ها هي أمي لا تعبأ بتوسلاتنا لها أن تهدأ ، أن تأخذ أدويتها ، أن تنتظر للصباح ، لكنها لا تصدق ما نقوله : أنها فى بيتها وليست فى بيت أخر .
أغلبنا فى وضعية الجلوس على الكنب المجاور لسرير أمي ، تدهشنا تعبيراتها ووجهها المتورد حمرة وضياء وكأنها فتاة فى مقتبل العمر ستلقى فتى أحلامها ، حاولنا تذكيرها بأن أبى مات ، فسألناها : أين أبى ؟ قالت: هو سيأتي بعد قليل
كررنا السؤال : أين هو ؟
أجابت: فى قلبي
أخذتنا ضحكات هستيرية من عفويتها ورغبتها الجامحة فى الذهاب لتنتظر أبى الذى سيأتيها بعد قليل .
بين طيات مشاعري متعجبا من حال أمي وأبى رغم موته ، يحيطني صوت مرتفع و ضحك متواصل حيث صرح أحد إخوتي ساخرا : إن زوجته لم تقل له طوال عمره أنه فى قلبها .
يلفني عزف المشهد والكلمات على أوتاري الحزينة ، أن زوجتي ماتت وهى على قيد الحياة منذ سنوات .
*********************
خالد إبراهيم أبو العيمة مدونة سور الأزبكية
http://khaled-ibrahim.blogspot.com
رغم هشاشة عظامها كعجوز تصارع كشاب فتى من أجل أن تتحرك من مكانها غير عابئة بعجزها ، ورغم كسر إضافي بمفصل الحركة بالرجل اليمنى والذى أقعدها تماما عن الحركة .
أبى الذى مات منذ ثمانية عشر عاما ، لا زال يحيرنا بقوة الرباط بينه وبين أمي حتى بعد موته ، ها هي أمي لا تعبأ بتوسلاتنا لها أن تهدأ ، أن تأخذ أدويتها ، أن تنتظر للصباح ، لكنها لا تصدق ما نقوله : أنها فى بيتها وليست فى بيت أخر .
أغلبنا فى وضعية الجلوس على الكنب المجاور لسرير أمي ، تدهشنا تعبيراتها ووجهها المتورد حمرة وضياء وكأنها فتاة فى مقتبل العمر ستلقى فتى أحلامها ، حاولنا تذكيرها بأن أبى مات ، فسألناها : أين أبى ؟ قالت: هو سيأتي بعد قليل
كررنا السؤال : أين هو ؟
أجابت: فى قلبي
أخذتنا ضحكات هستيرية من عفويتها ورغبتها الجامحة فى الذهاب لتنتظر أبى الذى سيأتيها بعد قليل .
بين طيات مشاعري متعجبا من حال أمي وأبى رغم موته ، يحيطني صوت مرتفع و ضحك متواصل حيث صرح أحد إخوتي ساخرا : إن زوجته لم تقل له طوال عمره أنه فى قلبها .
يلفني عزف المشهد والكلمات على أوتاري الحزينة ، أن زوجتي ماتت وهى على قيد الحياة منذ سنوات .
*********************
خالد إبراهيم أبو العيمة مدونة سور الأزبكية
http://khaled-ibrahim.blogspot.com
هناك 6 تعليقات:
لأول مرة اقف عند حروفك عاجزة عن التعليق
شىء صعب كتير ان نصف الحب والوفاء فى كلمات
فكلها مشاعر انسانية اصبح التنقيب عن الألماس والنفط اسهل منها بكثير
كما الحال عندما نصف الموت والحياة
الذى يحيا بالحب والذى مات لان قلبه لايعرف ماهية الحب (هى بالنهاية منظومة الحياة الكئيبة التى نحياها ) كتب علينا ان نرى الحب فى عيون الاخرين وعلى خدود عجوز متوردة تتزين بالوفاء لزوجها الذى مات من سنين اما من هم بجوارنا جف نبع الحب بقلوبهم البائسة فلم يعد بها اى مشاعر تروى ارواحنا الشريدة
قصة جميلة ومشاعرها انسانية عميقة
احسنت اخى
تحياتى بحجم السماء
أختي روعة الروعة المبدعة ليلى الصباحى
للحق قراءة عميقة وتعبيرات ولا أروع في تعليق ينم عن فكر كبير وقلب كبير واحساس كبير ووفاء كبير فشكرا لقدرك الكبير مبدعتناالمتميزة دائما
سرني جدا وسيظل تواجدك منتظرا
أجمل باقة ورد
قصة رائعة جدا عن الحب ذات يوم كنت فتاة رومانسية فكنت اظن انه ليس للحب معنى اخر غير الحب فكنت اسافر فوق بساط الخيال إلى مدن جميلة واحلم ان اسكن مدينة يغمرها الحب لكنني اضطررت إلى أن اتنازل عن حلمي الجميل حين أدركت ان البعض يحب لاشياء أخرى بعيدة عن الحب ومعناه الحقيقي
ماشاء الله عليك استاذي الفاضل
تحياتي
نعم صحيح والحب يبحث فقط عمن يعرفه يتقنه يدرك معناه .. إنه الانتصار لمعنى للحيلة
تحياتي لك المبدعة النموذج أستاذة سهيلة 🌹🙏🌹
يال الروعة !فعلا يموت الإنسان عندما ينساه الأحباء ..أو ينسى هو كيف يحب
كل الاحترام والتقدير لحضرتك. تعليق جميل بريق بك . شكرا جدا لذوقك الرفيع . خالد ابراهيم ابو العيمة
إرسال تعليق