الجمعة، 23 ديسمبر 2011

هل من بقية فى ضمائرنا


لعل أحد أهم أسباب الضعف وشتات الشمل العربي هو الأمراض النفسية التي تستوطن داخل الوجدان العربي وليس لها من علاج سوى وقوع كوارث كبيرة لابد من وقوعها كي يحدث التغيير ربما تكون أحداث اقتصادية سيئة أو حروب أو زلازل أو أنهار من الدم تراق من أجل التخلص من الإندماج اللصيق بيننا وبين أمراضنا المستعصية.
يسائل البعض كيف لا يأتي التغيير مفعما بروح المحبة والرحمة ولماذا الحديث عن إراقة الدماء؟
وللإجابة عن هذا السؤال لابد وأن نتأمل الأحداث المحيطة بنا جيدا لأن الطبيعة البشرية للدول النامية قائمة على على عنصرين وهما (قوى ممسك) بزمام الأمور منذ فترة طويلة والعنصر الثاني هو (ضعيف مستكين) لم يعد لديه سوى أحلام كلامية لكنه تابع بقوة للقوى
المستضعفون دائما فى بلادنا منتمون بالولاء التام ل"جلادون"يديرون عامة الناس بمنهجية شيطانية وذلك منذ فترة ليست قصيرة من الزمن لأن الجلاد يمسك بالسلطة والثروة والإعلام
المستضعف لا يمسك سوى برغيف خبز متواضع حصل عليه هبة من جلاده "هكذا يرى المستضعف حاله دائما"
من هنا نشأت حالة من الإستسلام التام داخل نفس المستضعف وأقنع نفسه أنه تابع لقوى وعليه أن يحب القوى ويظهر له دائم الولاء من أجل البقاء وبعد أن فقد نفسه لم يعد للمستضعف فرصة لإظهار نفسه سوى على من يساويه فى الدنية أو أكثر دنية منه وهنا كانت البداية فى نشأة التحاسد والتباغض بين النفوس العربية بعضها البعض وأصبح داخل الشعب الواحد لا تجد من يشجع النابغة بل أحقاد وأحقاد وتنشأ عداءات يرجعها البعض لقلة الثقافة والبعض الأخر يرجعها لقوة خفية كالسحر مثلا وكل تلك الأفكار هي منهج الأقوياء من البشر فى السيطرة على شعوبهم وفى ذلك قصص وحكايات يندى لها الجبين
ليس هناك خيار أمام المستضعف الذى لا يفكر ويتخلى عن ذاته المتحجرة سوى الولاء للقوى والمستضعف  لا يقبل بالتغيير السريع حتى ولو كان فى صالحه مع أنه بزوغ  فجر جديد سيغير من الواقع ويقود المسيرة نحو التغيير لكن المستضعف اعتاد أن يكون عبدا من الرقيق فى أيدى سادة بشريون جرت الأيام والسنين والتاريخ المحكي عمدا على أنهم هم أصحاب الحق فى قيادة حقيقية لأنهم الوارثون دائما وكعاداتهم ينظرون للمستضعف من أعلى وقد اعتاد المستضعف على ذلك وأقنع نفسه أن الأمر لن يكلفه كثيرا سوى تغيير وجهه وضميره
الكسل وترك العمل والأهداف وحب الركون الى الواقع المتعود هو سبب عدم قدرتنا على الإنتقال لمراحل أكثر تطورا وقيل أن الله إذا أراد بقوم سوء منحهم الجدال ومنعهم العمل
شغلنا بقضايا تافهة تلهينا عن المضمون الحقيقي الذى يجب أن نبحث عنه لذلك يتأخر تقدم أوطاننا وندور فى نفس الفلك المخطط لنا من الدونية من أعداء الداخل وأعداء الخارج
الشعب الليبي فقد 50000 خمسون ألف  فى ثورته من أجل الحرية وبالطبع ليس القذافي وأبنائه فقط من فعلوا ذلك بالشعب الليبي ولكنها عصابة المنتفعين وأعداء النجاح التي تحيط بالحكام وتجعل منهم آلهة ليستفيدوا هم من جمع الغنائم ولقد كان الثمن فقدان خمسون ألف من الدماء ليكسب الشعب الليبي حريته وأيضا للنظر بعمق كم فقد الشعب اليمنى والشعب المصري والشعب السوري كلها نتج غياب المنطق فى العقلية العربية
أقدم رؤيتي للأحزاب الدينية أن تتق الله فى الشعوب ولا تنظر لغنائم "يوم أحد" (وهنا أقصد الحصول على كراسي البرلمان) فلكل عصر غنائمه وأقول لهم اتقوا الله فى الشعوب فنجاح الثورة يعتمد على تكاتفكم مع الشعب وعملكم من أجل الشعب
إن حرمة دم الإنسان أشد عند الله من حرمة الكعبة وعلى الشعوب أن تعود للمنطق سريعا وأن تتألف مع بعضها حتى لا يصبح الثمن غاليا بإراقة الدماء الذكية وغير الذكية
كلما فهمنا الواقع والحقيقة تجنبنا الصراع وكنا أكثر تمدنا وهنا دور الثقافة أن تقف فى الجهل والتعصب وذلك من أجل تقليل الثمن الغالي عند أي تغيير
علينا أن نتفاءل عندما نجد من هو أهل ليكون فى الصدارة ومن واجبنا الأول أن نفسح الطريق للمتفوقين فى كل علم من دون بغضاء لتتقدم أوطاننا ولتأتى الأجيال القادمة فى واقع أفضل بدلا من واقعنا المشوه بأمراضنا النفسية
هل من بقية فى ضمائرنا أم أننا لا نستحق التغيير وهل التغيير لن يحدث للأفضل إلا بإراقة المزيد والمزيد من الدماء.
أتمنى معكم أن يلطف الله بنا من أنفسنا وأن نتغير برفق
خالد ابراهيم....مدونة سور الأزبكية
http://khaled-ibrahim.blogspot.com

هناك 8 تعليقات:

رحيق الورد يقول...

مساء الخير استاد خالد..
شكرا لك على الموضع الجميل بجد استمتعت بالقراة
تحياتى لك
ياسمين

Khaled Ibrahim يقول...

مساء الخير رحيق الورد الأجمل دائما
استمتعت روحى بتواجدك وبتوقيعك الغالى
أليك أسمى الكلمات وأروعها
باقة ورد
خالد ابراهيم

حياتي يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اري كلماتك شعاع من النور

ارجوا من الله ان يقتفيه كل الاحزاب

الدينية التي وضع الشعب ثقته فيها

واضم دعائي الي دعائك

أن يلطف الله بنا من أنفسنا وأن نتغير برفق

دمت بكل خير وود

زهرة

غير معرف يقول...

أ. خالد
تحية طيبة
نسأل الله تعالي أن يحفظ مصر العزيزة
وأتفق معكم بخصوص رسالة الثقافة في تقديم هويةشاملة للمجتمع ترتكز علي أسس من التوجه الحضاري الكريم. خاصة في تلك الفترة المفصلية.
وندعو الله تعالي ان يوفق الناجحين في البرلمان من كافة الأطياف، فالمسئولية جسيمة، والأمانة عظيمة، والموقف دقيق وشاق.
خالد جوده

Khaled Ibrahim يقول...

أجمل زهرة لأميرة الزهور زهرة "حياتى"
أفتقد تواجدك الرائع منذ فترة وأشكرك جدا على جمال المرور والتعليق الذى يدفعنى كثيرا للأمام
شكرا جزيلا وأرق باقة ورد
خالد ابراهيم

Khaled Ibrahim يقول...

الكاتب المبدع والناقد المتميز أ.خالد جودة
شرفت بتواجدك والحقيقة بالفعل فترة انتقالية مفصلية تحتاج إلى رشد كبير وتكاتف من كافةالقوى بعيد عن غنائم ليست أهم من الوطن
محبتى دائما وتقديرى
خالد ابراهيم

هبة فاروق يقول...

اتمنى ان يحمل الغد الافضل
مقاله جامعه شامله للاحداث
احييك استاذ خالد ..وتسلم الايادى
تحياتى

Khaled Ibrahim يقول...

هبة اسم وصفة وفعل مبدعتنا الرائعة الرائقة هبة فاروق
تجملت كل الحروف بحضورك وشكرا على وعيك وتلك الدافعية إلى الأمام التى تغمرنى بحضورك البهى
تقديرى دائما وباقة ورد
خالد ابراهيم