ما من شك أن الغلبة الثقافية المؤثرة والشائعة داخل كل دولة تكون للأكثرية
الشعبية سواء من أبناء الوطن أو من القادمين إليه بثقافاتهم، وهناك بعض البلدان
العربية الخليجية التي يغلب عليها التواجد الأسيوي للعمالة الوافدة وخاصة الهندي
منها لأسباب تخص كل دولة وشأنها، لكن علينا أن ندق ناقوس الخطر الثقافي الذي يقوم
بالبرمجة العقلية، وهذا من أجل الحفاظ على الهوية الثقافية لكل شعب وبالتالي على
أمة ظلت لفترة طويلة بلغة واحدة،ولهجات متعددة.
مما لا شك فيه أن شيوع ثقافة الأغلبية الوافدة يمثل خطرا ثقافيا قوميا على
الأجيال الجديدة لأنها تعتاد على ثقافة أكثرية وافدة من حيث طرق التعبير والتفاهم
وشيوع العادات والتقاليد والتأثر وثقافة البيزنس والتملق والنرجسية ، وهذا يستلزم
من الحكومات سرعة إنقاذ الفكر العربي الجديد وثقافته العربية الأصيلة وحماية
الهوية القومية لكل شعب، ولن يكون ذلك إلا بأن تكون اللغة القومية لكل شعب هي
اللغة الأولى على المستوى الشعبي وليست اللغة الأخيرة أو اللغة الخليط وكأنما
وضعناها في خلاط مع لغات أخرى فأخرجت لغة مشوهة أفسدت الذوق الجمالي للمتحدثين
بها.
إن بناء المراكز الثقافية وتدشين مئات الألوف من الكتب التراثية وبعض
البرامج هنا أو هناك من دون ممارسة حقيقية نراها في الشارع والبيت والمدرسة والجامعة
والأسواق وغيرها فإن ذلك لن يجدي ولن يحقق جديدا في مواجهة الثقافة الشائعة المباشرة
على مستوى العدد الشعبي المتدني أمام تلك الأعداد الهائلة الوافدة، وإن منظور وفكرة
التنوع الثقافي كما يحدث في أمريكا والبلاد الأوربية تختلف عما هو بدول الخليج لأن
الفارق أن في أمريكا وأوروبا اللغة القومية الأصلية لكل شعب هي السائدة والمهيمنة
وهذا هو السر في إصرار الفرنسي أن يتحدث بلغته وكذلك الإنجليزي والألماني
والإيطالي و هكذا.
إن الرغبة في تدمير التراث الحضاري على أيدي الأعداء داخل الدول التي تمتلك
ميراثا حضاريا أمثال مصر والعراق وسوريا واليمن وغيرها من البلدان العربية كان
وسيظل عملا مخططا، لأن تراثك يمنحك حق الوجود وضياعه يعني ضياعك بالكلية.
أرجوكم انقذوا الأجيال القادمة لأن الحضارة الإنسانية أهم وأرقى من حضارة
التطاول بالأبراج وأن قيمة الإنسان تعلو فوق قيمة المال وحسابات البيزنس والمقدرة
على السفر هنا وهناك، فالكنوز الحقيقية فينا قبل أن تكون في الحسابات البنكية، وأن
الدعوة لعودة القيمة الحقيقية للإنسان بعيدة كل البعد عن تفسيرات بعض الجهلاء بأن
النصيحة تمثل حسدا وغيرة وليست دعما وتقديرا، فانتبهوا قبل فوات الأوان.
خالد إبراهيم أبو العيمة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق