الثورة كانت وستظل درسا ًحقيقياً فى مقاومة الظلم والفساد،وسلمية الثورة كانت دليلاً قاطعاً على عظمتها ويجب التأكيد على ان أى ثورة لا تتولد لحظياً بل هى تراكم كمى لمجموعة من العوامل الدافعة لتغيير الواقع بطريقة جمعية يصعب على المؤسسات العسكرية قمعها بسهولة ودائما أو غالبا ما تكون الثورة الشعبية أداة لتغيير الواقع الذى تضيع معه مقدرات الشعوب وكرامتها واستبدال هذا الواقع السيئ بواقع جديد طبيعى يستشعر الإنسان فيه بالحرية والقدرة على الإبداع واستشراف مستقبل أفضل للأجيال التالية.
إذا كل الثورات لم تكن وليدة لحظة الإنفجار بل هى سلسلة من عناقيد الظلم والغضب المتتالى استمرت لفترة طويلة تنتظر فيها الانفجار فى لحظة غير متوقعة أحيانا ومتوقعة احياناً أخرى فمثلا الثورة المصرية مرت مصر قبلها بمراحل عدة من المشكلات السياسية والإجتماعية والإقتصادية بداية بتوابع معاهدة السلام مع إسرائيل من ظهور أمراض نتيجة الفساد الزراعى من دخول مواد مسرطنة وهرمونات تعمل على تغيير طبيعة الثمار فكثرت امراض الكبد والكلى والسرطان واستمر الوضع على ذلك،أيضا الحريات السياسية مكبلة حيث تم الضغط على الأحزاب المعارضة وجعلها رمزية حيث لا وجود سوى للإسم فقط لكنها لا تستطيع فعل شيئ حقيقى يغير من الأوضاع،وهذا لا يعنى أن الفترات السابقة لهذا العهد كانت وردية ولكن هى شهادة أقرب للواقعية من دراستنا للتاريخ القريب ومعايشتنا للواقع الغريب.
وجد الشعب المصرى نفسه شخصية أصابها الوهن نتيجة الإنشغال بلقمة العيش وهو يرى فى نفس الوقت طبقة معينة تنفق الملايين يومياً وإذا اعترض عامة الشعب وجدوا سياط الشرطة وزوار الفجر وفى أى وقت يظهرون،فبدأت تظهر الإحتجاجات مثال حركة كفاية واعتصامات العمال فى المحلة الكبرى وغيرها ثم اعتصامات أمام مجلس الشعب ثم استفزاز الحكومة والحزب الوطنى فى الإنتخابات الأخيرة،كذلك كلمة الرئيس مبارك (خلوهم يتسلوا) فالجميع شعر بالإهانات المتراكمة والجميع كان يستشعر أن هناك شيئ قادم وسيكون قويا ثم جاءت الثورة التونسية العظيمة فكان كل ماسبق هو اختمار للثورة لتنطلق فى الخامس والعشرون من شهر يناير عام 2011
من هنا كانت الثورة المصرية العظيمة وكانت اهدافها النبيلة والعارفين بالشعب المصرى يدركون ان هذا الشعب عاشق للحرية وعاطفى لدرجة السذاجة أحيانا والشعب المصرى مدرك بأنه صاحب شخصية تاريخية يستطيع أن يتعامل مع كافة أجناس الأرض دون شعور بالدونية ويستطيع صنع الحضارة مثل أى شعب متمدن والشعب المصرى ذواق للفن بشكل غير عادى،ولكن دائما من يستطيع قيادة هذا الشعب بصورة صحيحة يفعل المستحيل،وفى السنوات السابقة كان دور مصر صغيرا بفعل فاعل،لكن مصر عظيمة بمصريتها وعروبتها واسلاميتها وعالميتها دون علو وعندما أتحدث عن خصائص الشخصية المصرية المتميزة فذلك يعنى أن منظومة الإدارة عندما تتفهم الشخصية المصرية تصنع الكثير أما تحجيم الحريات وتقزيم الأدوار فلن يتم السكوت عليه فلقد استيقظ الشعب المصرى من غيبوبة النظم السابقة ولا يهمة الثمن لأن الشخصية المصرية استردت عافيتها النفسية والفكرية.
الثورة نظرا للعوامل التى كانت خميرتها لا يحق لأحد أن ينسبها لنفسه لا الشباب ولا الكبار والثورة كانت للحرية والعدالة والديموقراطية ولم تكن للجوعى والحرافيش فالمصريون يستطيعون تدبير حياتهم بأقل ما يمكن تخيله لكن الكرامة هى مطلب الشخصية المصرية الأول ومن أدرك الثورة منذ يومها الأول يلاحظ ان الثوار من كافة الطبقات بل المثقون على كافة أشكالهم من الشباب وكان الدعم من كافة الشعب المصرى لهم بصور مختلفة فمثلا كان الجيش فى حالة حياد وكان دوره وطنياً ولكن علينا ان لا نغفل دور اللجان الشعبية التى قامت بحماية الوطن من الداخل بعد أن انسحبت قوات الشرطة وتركت البلاد بلا حماية وفتحت السجون مسلسل الرعب فكانت اللجان الشعبية هى المنقذ للوطن وللثوار لأنه لو حدث انفجار وحرب اهلية داخل الشعب لتم القضاء فوراً على الثوار فى ميدان التحرير ولتم احتلال قناة السويس من اسرائيل وأمريكا واوربا بدعوى حماية القناة الدولية ولكن الله سلم.
لذا أرجو من شباب الثورة أن يستمعوا للأراء المختلفة ولا يتعالى احدهم على غيره بحجة انه شارك فى الثورة وغيره لم يشارك وعليه ان يعرف عوامل النجاح مع كل التقدير والعرفان لدورهم ولدم الشهداء ولكنه كان عملا جماعيا جمع بين مقدمات الثورة وطبيعة الشخصية المصرية وبين الأقلام التى صنعت العقول بالفكر والصحافة الصادقة وأيضاً حراس الوطن فى الجيش المصرى واللجان الشعبية مما جعل أيدى الشباب البطل الثائر فى ميدان التحرير وكافة مدن مصر يحقق النصر على من لم يعرف ويحترم جينات هذا الشعب.
تحية لثوار ليبيا مهما كان الثمن فالضربات التى لا تقصم الظهر تزيد الإنسان قوة.
أدعو الشباب ان يستمع ويستمتع أن يقبل ويرفض لكن علينا أن ننتظر قليلا حتى إيفاء المؤسسة العسكرية بوعودها وكانت وستظل وفية العهد مؤتمنة على هذا الوطن وبلا شك مع إزاحة الخوف من القلوب فكل مصر ستكون ميدان تحرير إذا لم تبنى مصر فى المستقبل
هى شهادة للتاريخ نقدر فيها كافة الأدوار وأنوء بنفسى وبكم من الإنتهازيين الذين يملئون الدنيا ضجيجاً وعلى من لا يسمعون إلا انفسهم وأتبرأ إلى الله اولاً ثم إلى الشعب المصرى فى زمانى وفى الأجيال القادمة ممن أراد بهذا الوطن سوءً أو عطل حركة الحرية والانتاج والإبداع وكان متعصبا لرأيه غير قابلا للحق،استغل الفرصة فى فرض أنانيته التى أفقدته الفهم الصحيح والقرار السليم.
خالد ابراهيم...مدونة سور الأزبكية
http://khaled-ibrahim.blogspot.com/