تعدت مراحل الطبقية فى بلادنا عالم الأغنياء حتى وصلت إلى عالم الفقراء،فالفقير أصبح يتظاهر بالغنى ليس إستعفافا بل أصبح ينفق القليل الذى يحصل عليه فى المظاهر التى لا ترتقى به وأصبح يتعلق بالنماذج البشرية الموجودة فى المجتمع التى تعتمد على الظهور الإعلامى مثل الفنانين ولاعبى كرة القدم وإنتقل طموح الكثير من الفقراء من محاولة تحقيق الذات إلى مرحلة الإرتباط بالغير على سبيل المثال نجاحات كرة القدم أصبحت هى متنفس الفقراء الدال على عظمة الدولة وأصبحت خسارة كرة القدم هى إنكسار لهمة وهيبة الدولة وهذا منطق خطير لأنه ضاعت معه قيم العلم وظهرت معه أفكار الإستهزاء بمن يحاول تغيير الواقع للأفضل من حيث العلوم الإنسانية والصحة والفنون وإحترام حقوق الإنسان،بل الأدهى والأمر هو وجود الطبقية بين طبقة المثقفين أيضا فأصبح البعض مختالا بفكره،محتقرا لرأى غيره،وراغبا فى الحصول على كل شيئ وإلا أصبح ناقما على كل شيئ،وإذا كان هذا هو حال أصحاب الرأى وإستنهاض العقول فمابالك بأصحاب السلطات التنفيذية،وكبار الموظفين بعدما أصبح لكل مهنة فى بلادنا رعاة يرغبون فى تمييزها عن المهن الأخرى إرساء لمبدأ التميز والفردية وإحتقارالغير ناسين عمدا أن المجتمع يقوم على بناءه الكل كبيرا وصغيرا.
وعقولنا الجامدة هىالمسئول الأول بلا شك عن مخرجاتنا لكن من الأكيد أيضا هو أن الحكومات ما كان يجب أن تسمح للأغنياء بفصل واقعهم عن واقع الفقراء بشكل كامل وليس أدل على ذلك من وجود مدارس لا يدخلها إلا أبناء طبقة معينة وهذا مبدأ خطير لأن التعليم لابد وأن يكون متاح للجميع بشكل متساو ولو وجد الفقير نفسه بجوار الغنى فى مكان واحد لزالت حواجز التميز الطبقى الإقتصادى ولأصبح التعليم مجالا للتسابق الشريف ولظهرت المواهب من كلا الجانبين،أضف على ذلك العلاج أصبح طبقى ورغيف الخبز يأكله الفقير ليمرض ويأكل الغنى رغيف خبز خاص مستمتعا به،ومن الطبيعى أن تكون هناك فوارق فى نوع الغذاء،ووسائل التنقل ولكن ما أقصده هو المساواة فى التعليم والصحة،ورغيف الخبز والتقاضى،ساعتها لن تكون هناك دواع للحسد أو الإستهزاء،بل سيصبح الدافع لتغيير الواقع للأفضل هو هدف الطرفين، ودور المتخصصين فى عالم الإجتماع والنفس الغائب لابد وأن يعود للتشخيص لنعرف أمراضنا ونتداوى ليصبح لدينا الهمة لبناء بلادنا لتكون فخرا لنا وللأجيال القادمة فى شتى المجالات بما فيها الفن والرياضة ولتسود لغة العلم والإبتكار والقيم الإنسانية والمساواة حفاظا على عقول الشعوب التى هى الفارق بين البشر وليس شيئا أخر،كما أننا فى حاجة لتنمية مهاراتنا الحالية ومعرفة إحصائيات حجم التخصصات التى لدينا لسد العجز فيما هو نادر وتأهيل ما هو ضعيف.
أدعو كل إنسان أن يقرأ داخله بصدق وأن ينظر كل منا للمستقبل فالذى لا ينظر للمستقبل هو قصير النظر،لأننا قد نكسب أشياء بصورة سريعة وغير مشروعة حاليا،لكن إذا زاد الجهل عن الحد,وتفشى المرض،فلا مستقبل لبلادنا سواء للأغنياء أو الفقراء،وهى دعوة للجميع أن يدركوا أن لذة الحياة فى العطاء وليس الأخذ،وجمال الحياة فى المساواة وليس العلو،وأن قوة الجسد فى الحركة وليس السكون،وأن عظمة العقل فى الإبداع وليس الخمول،وأن روعة القلوب فى الإحساس وليس الجمود وعلى قناعاتنا بالفردية وحب التملك والظهور والعلو أن تتغير إلى القناعة بحقوق الأخرين أيضا.
تقديرى
خالد ابراهيم