الاثنين، 4 أغسطس 2014

شيطنة الجيش

   كانت مصر مؤهلة للحكم المدني فى الفترة ما قبل يوليو 1952 حيث كان حجم الكفاءات الظاهرة على الساحة المصرية كبيرا جدا وفى كافة المجالات السياسية والعلمية والأدبية وغيرها، ولكن لم تكن للشعب القدرة على القيام بثورة لخلع الملك فاروق من على حكم مصر،فقام الجيش المصرى بهذا التغيير فى يوليو 1952 وبذلك تسلم الجيش حكم مصر وقد توالت الأحداث بشكل مباشر من الإعتداءات على مصر بعدوان 56 الثلاثي  بعد تأميم قناة السويس وتوالت حلقة الصراع الإسرائيلي الممتدة منذ عام 1948 مرورا بـ 56 ثم 67 وحروب الإستنزاف وصولا إلى حرب التحرير فى 1973 .
   من المنطق والإيجابي أن نعترف طوال هذه الفترة الصعبة من تاريخ مصر أن يحكم الجيش ومن الإنصاف أن نمنحهم الحق والتقدير على تلك الفترة وأن ندرك أن موارد الدولة كانت فى حالة توجيه للمؤسسة العسكرية نظرا لحجم المخاطر المحيطة،وقد تواترت الأخبار عن أن الرئيس الراحل أنور السادات بعد توقيع معاهدة السلام مع اسرائيل كان يرتب لتغيير النظام العسكري إلى نظام  مدنى وأنه قام بكتابة قرارا سريا عام 1981  بإعفاء نائبه حسنى مبارك من منصبه وتعيين وزير خارجيته منصور حسن (المدني) نائبا له وذلك بعد الإنتهاء من احتفالات أكتوبر ولكن الأقدار لم تمهله ذلك حيث تم اغتيال السادات أثناء الإحتفال بنصر أكتوبر وتم اختيار مبارك خلفا له ، ومن هنا استمر حكم المؤسسة العسكرية .
   العسكريون مصريون وطنيون ورجال الشدائد الذين يعتمد عليهم ولا خلاف على ذلك ولكن فترة تولى مبارك شابها الكثير من القصور خاصة فى الأونة الأخيرة منها فتم تشويه الحكم على الطريقة العسكرية نظرا لحالة الإهمال الكبير التي حدثت للشعب المصري فى القطاع المدني فى مجالات التعليم والصحة والغذاء والحريات الأساسية .
   قامت الثورة فى يناير 2011 من أجل تصحيح مسار الدولة والبحث عن وجه جديد يعيد الكرامة المنسية للشعب ولكن من الطبيعي أن يكون هناك رفض للتغيير فى شكل صراع بين مراكز قوى قديمة تريد أن تستمر وبين ثوريون جدد يريدون نسف الماضي بكل ما فيه ومن هنا بدأت فكرة الترويج لـ شيطنة الجيش .
   هذه الشيطنة هي فكرة خائبة لأننا ننكر فيها كل التضحيات التي قدمها أبناء الشعب المصري فى هذا القطاع الوطني رغم وجود أخطاء فى بعض الأحيان ،ولكن الرفض عندما يكون من أجل الوصول إلى الحكم فهذا يسمى انتهازية فاجرة،أما إذا كانت بحثا عن الأفضل فعلينا جميعا أن نكون شركاء فى الوطن فى كافة الحقوق والواجبات أما اللعب على الشيطنة فهو لعب بالنار وعلينا أن نراجع الفترات التاريخية التي حكم فيها الجيش لنجد أن الظرف التاريخي استحكم ذلك وأن الأخطاء التي لم يمكن علاجها من قبل فهي قابلة للتنفيذ الأن،وعندما يشعر رجل الجيش بالتقدير الشعبي فإنه يشعر بالشراكة الوطنية أما عندما يلحظ بالرغبة فى استئصاله وكأنه لم يقدم شيئا طوال تاريخه وكأنه هو فقط من يجب أن يتحمل نتائج الفساد لدى بعض من تصدروا المشهد فإن هذا يؤثر على معنوياته وردة فعله .
   الإنصاف يستدعى من الجميع عسكريون أو مدنيون قراءة التاريخ والحديث فيما يجمعنا ولا يفرقنا وتجاوز الأخطاء وتبادل المنافع والخدمات،أما اللجوء إلى فكرة الشيطنة فهو اعتداء على الحق والتاريخ الذى ننساه عند الغضب وعند الإختلاف .
   مصر بطبيعتها دولة مدنية ولكن المشكلة الأساسية هي فى وجود الإهمال والعشوائية خاصة فى القطاع المدني الذى يمثل غالبية الشعب،وهذا الشعب العريق يبحث عن ظروف أفضل ويرغب فى أن يكون جيشه الأقوى من أجل أمن مصر .
   هنا نقول لمن يحكم مصر مهما كانت خلفيتك نحن مصريون ولا فرق بيننا على أي أساس سوى العمل الوطني فمن يقدر أن يجعل من مصر فى مكانة الدول الكبرى المتمدنة فليقود وليحفظ حق المسئولية وحق الواجب ولتكن بدايتنا من الأن.
   حجم المخاطر حاليا كبير ولذلك علينا من الآن ترك الشيطنة والبعد عن تقديس الذات ولنسمع ونفكر ولنحفظ بلادنا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا قبل أن نفكر فى أعدائنا الذين نعرفهم جيدا .
الجميع يحمل أوزارا ولكن لنبدأ الأن من دون الرغبة فى أن نعلو على بعضنا البعض .

خالد إبراهيم أبو العيمة

هناك تعليقان (2):

حياتي يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حقا رائع سيدى

تحية تقدير واجلال لعظمة ما طرحت

ارجوا من الله عز وجل ان يؤيد هذا البلد

ويحفظه من جميع المؤامرات خاص من الداخل

دمت بكل فخر وعز

زهرة

Khaled Ibrahim يقول...

الإطلالة الأجمل مبدعتنا الرقيقة الزهرة الؤائعة (حياتى)
أشكرك جزيلا على كرم التواصل وغزارة المعرفة وسمو التعبير
حفظ الله مصر بأهلها وبزهورها الرائعة
كل التقدير مع أجمل باقة ورد
خالد