الخميس، 18 يوليو 2013

من يعاقب من القرية أم المدينة


   لأن المدينة حصلت على كل شيئ ،فهى التي تحكم وتقود ،بها النجوم فى كافة المجالات وفى نفس الوقت تهمل المدينة القائدة أتباعها الذين يقطنون بعيدا عنها القرية/الريف بكافة أشكاله حيث تتركهم يصارعون واقعهم ،تحصل المدينة على ما تنتجه القرية مما تنتجه الأرض ،فلا تجد المياه الصالحة للشرب متوفرة ولا تجد المدارس النموذجية الجادة ولا تجد الخدمات الصحية التي يقدمها أطباء محترفون مما يضطر أهل القرى للتطلع للسكنى داخل المدينة وهجر الأرض الزراعية والبحث عن تعليم أفضل وعلاج أفضل  وغيره من الأشياء التي لا تتوافر سوى بالمدن .
   ينشأ كثير من سكان القرى والبدو والصحراء نشأة بها نوع من الإنكسار والقسوة نتيجة رؤيتهم أن أفضل ما لديهم يذهب للمدينة وحالهم كما هو فى صراع لا يتغير فمن سوء إلى سوء ومن فقر إلى فقر والمدينة تحكمهم وتتجاهلهم عمدا وقسرا.
   تنشأ جماعات معقدة فكريا نتيجة هذه الفروق الإقتصادية والإجتماعية والسياسية ويظل هذا المخزون السلبي أحد أهم روافد النظرات الرافضة/الحاقدة على مجتمع لا يتسم بالعدل الإجتماعي ومن هنا يضيع الإنتماء إلى الدولة الرمز (الوطن الكبير)التي لا تقدم أي شيئ وكافة الخدمات يدفع  المواطن ثمنها لكي يحصل عليها وبشق الأنفس فتصبح القرى/النجوع الأماكن النائية أرضا خصبة للجماعات التكفيرية أو الجهادية المحملة بإرث من غياب العدل والفقر والإهمال وتظل هذه الصورة عالقة بالأذهان بين أنانية المدينة وتجاهل القرية .
   مفهوم الدولة بمعناه الحقيقي هو شعور متبادل بين المواطن ووطنه يتبادل كليهما فيه المنافع فى إطار من الحق والواجب،فعندما تغيب الدولة يغيب الإنتماء فيقدس أصحاب المال المال ويقدس أصحاب السلطة السلطة ويقدس البسطاء من يعزف على أوتار أحلامهم ولن تجد من يقدس الوطن بمعناه الحقيقي
    العدل يحقق الشعور بالمساواة التي تحقق الإنتماء عندها يكون الوطن هو نجم النجوم .
*******************
خالد إبراهيم ... مدونة سور الأزبكية

ليست هناك تعليقات: