السبت، 9 مارس 2013

كُشك الحى الشعبي (قصة قصيرة)


فى الحى الشعبي، كُشك مهلهل، يظهر عليه كبر السن كصاحبه، الذى يتحادث مع زوجته، على كرسيين متجاوران داخل الكُشك.. فى هدوء شديد.
على الرغم أن عمر الكُشك حديث العمر بالنسبة لعمر الحى، إلا أنه حيرنى هذا الكشك الذى كان من المفترض أن يكون فتيا، لكن هنا الأشياء لا تخضع لمنطق التطور الذى يبتغيه الشباب.
عندما تطلب صنفا ما تشتريه من صاحب الكشك تتذلل إليك ملامحه شاكرة اياك على قدومك للشراء، وتجد بين طيات عينيه التي تتأملك من دون أن تسقط عنك دعوة بادية بأن تعود إلى نفس الكشك عند شراء باقي حاجاتك.
يناديك العجوز بألفاظ ترفع من شأنك صانعا لك بريستيجا خاصا، وكأنك دفعت ثمن ذلك ضمن مشترواتك، ينتابك إحساس بالزهو، بالضعف، بالرغبة فى شراء المزيد رغم قلة المعروض، ورغم أن البضاعة تشبه عمر الكشك.
خلف الكشك عمارات أرهقها كمية رشح مواسير مياه الشرب والصرف الصحى، يحيط بتلك العمارات ما يشبه بقية من حدائق تتوسل التهذيب والرعاية، غذاؤها أكياس قمامة ملقاة لا تجد من يزيلها، يلهو حولها الأطفال دون اكتراث، لا محال فى الحي سوى تلك التي تبيع وتشترى أجهزة المحمول، كروت الشحن، تنتشر fالقهاوى فى بدايات ونهايات الشوارع، الصخب من القنوات المختارة يلف المكان، خراطيم الشيشة تزاحم الوجوه والرصيف، التوك توك حريص على أن يدهسك والمهارة فى أن تهرب منه، يجاورك وجوه طيبة لا تمتلك سوى لسان حاد يحفظ لها بعض مما تبقى من كرامتها فى هذا الحى الذى لا مكان للهدوء فيه سوى كُشك العجوز.
                          خالد إبراهيم .... مدونة سور الأزبكية
http://khaled-ibrahim.blogdpot.com

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

مصر حماها الله
اليست هي هذا الكشك الازلي على قارعة طريق المسافرين وبداخل الحارات
اليست هي التي كبرت سنا ولم تسمن قوة
لنا الله
شكرا ايها الغواص بين دقائق حاجتنا الى الراحه والاستجمام
دمت بكل ود
المسحراتي

Khaled Ibrahim يقول...

مبدعنا المتميز والصديق المحترم المسحراتى
الشكر الجزيل لحضرتك على سمو فكرك ووعيك أحييك جدا على قدرتك الفائقة على فهم داخلنا
محبة تليق بك
خالد