الأحد، 3 مارس 2013

الآمال والمصاعب الثورية


   الثورة ليست إجراء روتينيا محددا بخطوات مرتبة تبدأ برقم 1 ثم الذى يليه وهكذا، بل إن كل ثورة ولها شكل خاص بها ولا يشترط أن تكون فعلا نمطيا منسوخا عن تجربة تاريخية ما، ولا يوجد توقيت مخطط لقيام ثورة ولكن الأحداث الجارية والمحفزة على قيام ثورة؛ من أجل التغيير فى موقع الأحداث فى مكان ما أو زمان ما، تظل فى حالة من الإحتقان حتى تصل فى توقيت ما إلى مرحلة الإنفجار، وهنا تكون الثورة قد بدأت،وهناك فارق بين الثورات الحقيقية وبين التظاهرات النوعية التي يشارك فيها قطاعات بعينها من الشعب، لأن الثورات ناتج ظلم وقهر جماعي يفجرها انقطاع الآمال فى انقشاع الظلم، أما التظاهرات الفئوية والنوعية فهي عناوين أو لوحات إرشادية؛ تعطى تحذيرا بوجود خلل ما أو تجاوز ما يسبب هذا الظلم والقهر .
   إذن الثورة الحقيقة هي عبارة عن تراكم من الإعتراض داخل النفوس، تحول بمرور الوقت إلى تمرد متدرج ثم إلى انفجار مفاجئ، ولا شك أن أعظم الثورات: هي الثورات السلمية التي يتحد فيها الشعب بجميع عناصره؛ فى عملية التغيير استنادا لقيم إنسانية عليا مع الاتفاق على الحدود المشتركة الدنيا بين كل أعضاء المجتمع.
الإنقلابات ليست تغييرا ثوريا إنما هي تغيير ديكتاتوري أيا كان مسماه،لأن التغيير الثوري الشعبي هو فقط ما يطلق عليه تغييرا حقيقيا، لأنه تعبير عن الإرادة الشعبية التي يكون فيها الشعب هو المحرك والذى يختار من يحكمه ، ولا من يفرض عليه من قوى ما، حيث يكون التغيير من القواعد الشعبية ولس تغيير من أعلى.
   لا يوجد شكل نمطى للثورات سوى أنها فى جميع حالاتها الثورية؛ تعبر عن رفض لواقع ظالم وتسعى لاستبداله،عن طريق وضع عناصر يمكن الوثوق فى إخلاصها، وقدرتها على إحداث عملية التغيير المنشودة .
   كما أن الثورة لا تستورد أنظمة جاهزة مقولبة من الخارج، والثورة بطبيعتها إصلاحية تنتفض ضد انحراف المجتمع الذى تنشب فيه، فلا يوجد ثورة قامت فى مجتمع تسوده قيم العدالة والحرية .
الفعل الثوري يجب أن يتم من خلال استدعاء لقيم ثورية حقيقية وجذرية،  وليست قيم شكلية تقوم بطلاء خارجي للنظام القديم فقط، وسيكون حجم المتوقع من التغيير بعد وقوع الثورة مرتبط بحجم الإحترافية والموضوعية للقائمين على رعاية التغيير، أو مدى قدرة أصحابها على إكتساب المهارات السياسية التي تمكنهم من تطبيق أهدافهم الثورية النقية.
   الرعاية الشعبية للثورة بعد (نجاحها فى إزاحة رأس النظام) يجب أن تستمر من أجل تحقيق الأهداف التي قامت من أجلها، بحيث لا تنحرف المعادلة السياسية بحركتها عن المسار المؤدى إلى التغيير الإصلاحى، وهذه الرعاية تتطلب قبول حجم معين من الأعباء الاقتصادية والإجتماعية بتفاصيلهما المؤلمة، حيث ستعمل القوى المضادة للثورة على زيادة هذه الأعباء تباعا، كوسيلة مستمرة للضغط على المسار السياسي للثورة .
                                                            *****
خالد إبراهيم...مدونة سور الأزبكية
http://khale-ibrahim.blogspot.com

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

تحيه لقلمك الرائع
وفكرك الراقي وتحليلكم السليم
وبصيرتكم النافذه
فقد جمعت في المقال التحليلي الكثير من الاسباب والعوامل والاهداف والنتائج المترتبه على قيام الثوره والغضب الشعبي في مواجهة الاستبداد والديكتاتوريه
وتفضلتم بعرض مايؤل اليه الوضع او ما قد يحدث بعد ذلك
ودي لقلبك
وتقديري لشخصكم
وكل تحياتي
المسحراتي

Khaled Ibrahim يقول...

مبدعنا المتألق أ. المسحراتى
سعدت جدا بتوقيعك الغالى وتواجدك المحبب إلى نفسى وشكرا جزيلا
أصدق التمنيات ومحبتى