الخميس، 15 نوفمبر 2012

الثقافة بين التقليديين والمجددين

    عادة ما يخالف المثقف ما يألف الناس لذا ليس سهلا عليه أن ينسجم مع المحيطين به في حالة وجود هيمنة للجهل والأمية الفكرية أو سيطرة تيار واحد على محيط الأفكار وذلك لأن سلطان الثقافة السائدة دائما ما يتجاوز كل درجات اللامعقول مما يجعل المثقف يبذل جهدا خرافيا في تقبل ما يتعارض مع أفكاره  وهو عبء ثقيل وأحد أصعب الهموم لأنه قد يمس بمبادئه لكونه حريص على حالة الانسجام الأسرى والعائلي والمودة المجتمعية بما لا يحدث صداما تصبح فيه حياة المثقف جحيما فكريا لأن الثقافة تعنى المواجهة وتحمل الصدام ومواجهة الرأي بالرأي دون عنف فكرى أو تعصب للذات.
   الثقافة مسئولية تزيد الإنسان تواضعا حيث كلما عرف أكثر حينها يعلم يقينا أنه يجهل أكثر.
   دور المثقف ليس توافقيا يحاول أن يرضى به كافة الأطراف المتنازعة ليجمعهم في منتصف الطريق بل هو صاحب قناعات قد تثير الكثير من الجدل أو تجلب الكثير من السخط لكنه لا ينحني من أجل تحقيق مهمته الإصلاحية المجتمعية .
 يقول إدوارد سعيد : إن المثقف ليس باني إجماع فهو الذي يواجه مجتمعه بالحقيقة ولا يبحث عن التصفيق الشعبوي .
   لقد كانت رسالات الأنبياء في عمومها ضد تيار الثقافة السائدة وكانت حجة أقوامهم أنهم متمسكون بتلك الثقافة والقيم والأفكار المجتمعية ((إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون))
   المرونة والليونة للتصالح مع الثقافة السائدة تكون مع الأسلوب وليس على حساب الجوهر ولابد من التمسك بميزان الحق في قبول أو رفض الأفكار الشائعة وهذا وحده الذى يصنع الفارق بين التقليديين والمجددين.

             خالد إبراهيم....مدونة سور الأزبكية
http://khaled-ibrahim.blogspot.com

هناك 4 تعليقات:

ليلى الصباحى.. lolocat يقول...

السلام عليكم
كلما مررت بواحتك الثرية ازداد تعلقا بها وما فيها من ألق ورقى

تحياتى لعبير قلمك اخى الكريم
دمت بود

Khaled Ibrahim يقول...

الكاتبة الأروع
ليلى الصباحى.. lolocat
هنا أنتظر اطلالتك القيمة لأزين باسمك وتعليقك واحساسك وفكرك صفحتي
كل التقدير وإليك كل الود والإحترام

Entrümpelung Wien يقول...

موفقين ... لكل ما هو جديد و قيم

Entrümpelung Wien
Entrümpelung
Wohnungsräumung
Wohnungsräumung WIEN

غير معرف يقول...

صديقنا العزيز أ. خالد
بداية تختلف مفاهيم الثقافة بدرجة كبيرة جدا، وقد قدمت مفهوما لها
والثقافة كما اقتنع بها هي وجهة نظر في الحياة تصطبغ بها الحياة بالكامل، وينتج عنها السلوك والمقومات المختلفة (مادية وروحانية) للحياة الإنسانية، ولكل مجموعة او شعب او كيان ثقافة محددة تحدد وجهتها وتبني إرادتها وترشد سلوكياتها، وقد تكون تلك الثقافة متدنية أما غذا كانت ثقافة راقية فإنها ترقي لتكون الحضارة ولا تكون الثقافة راقية إلا إذا اشتملت جانبين معا (مادة وروح) لذلك ليس كل ثقافة حضارة لكن الحضارة هي الثقافة المتقدمة المبدعة
ومن ناحية أخري فالثقافة (حسب ما سبق) ليست إستعلاء او احساسا بان وجهة نظري هي العالية عن وجهة نظر غيري التي اصفها بالثقافة السائدة كنوع من تعلية وجهة نظري الخاصة وقهر الاخر بأي سبيل
لذلك فمصطلح الثقافة السائدة أؤيده كما ورد بمقالك (وساوضح ذلك حالا) ولكن لا اؤيده لدي الرغبة في تحقير ودهس الاخر العام بدعوي أن راي صواب لا يحتمل الخطا ورأي غيري خطأ لا يحتمل الصواب (وتلك هي مقولة التعصب)
أما مفهومكم الكريم فصحيح مائة في المائة لأن المثقف لديه شهوة لإصلاح العالم ولأنه يأخذ بيد مجتمعه ليرقي في مدارج النهوض والتقدم ويسير به في درب الحضارة مع احترام وجهة النظر الأخري والاعتبار بها والتواصل معها وترك بابا مواربا للحديث والتواصل وبحثا عن عناصر مشتركة مع الاحتفاظ بالخصوصية الثقافة الخاصة
قرات (وكنت أود أن أنقلها كما دونتها من أحد المصادر لكن أجندتي - رحيق الكتب - ليست معي حالا) أن احد الكتاب الفرنسيين تحدث مع كاتب مصري وعندما تحدث الأخير عن وجود اتحاد للكتاب للمصريين أبدي الكاتب الفرنس اندهاشا شديدا وقال له الكتاب لا يجب ان يكون بينهم اتحادا فالأمر مبني علي الاحتلاف وتعدد الرؤي في الثقافة
دامت لنا تدويناتك التي تثير النقاش الجميل
خالد جوده