الأربعاء، 17 أغسطس 2011

الأخلاق ثوابت على مر العصور

"فكر فيما يقال لك،ولا تستسلم للجهل ولا تعفى نفسك وتستسهل بل يجب أن تكون معايير القياس لديك صحيحة"
الأولون كانت أخلاقهم أفضل ونفوسهم أقوى وهذا ما جعل الكثير من رجال الأديان يجمدون التفاسير عند "الأولون" لشعورهم بأنهم كانوا أمناء على الدين ولا يجب أن تخرج التفسيرات عما حددوه.
هنا وقع خطأ جسيم لأن الخروج عن التفسير ليس إنتقاص من قدر الذين سبقونا بل علينا أن ندرك بشريتهم وأن نستخدم القياس الصحيح فى زماننا لأنهم لم يدرسوا كيمياء أو فيزياء أو جيولوجيا أو غيرها من العلوم التي استحدثت.
"الأولون أهل أخلاق" لأنهم هم من سيضعون اللبنة (الأخلاق)التي أرستها الأديان لتعمل بشكل متوازي مع العلم لذلك كانت الأديان قبل الثورة الصناعية حتى لا تختل موازين البشر فيطغى عليهم الثقة بالعلم ويغرقون فى المادية ويفقدون الأخلاق وينسون أن الأخلاق مراد إلهي بين كافة البشر.
                 "وإنك لعلى خلق عظيم" الآية.
مع الثورة الصناعية علينا أن ندرك أن كلمة الله العظيم فى القرآن الكريم لابد أن نتطور نحن لنصل إلى معانيها وهى أكبر من أن تفسر تفسيرا واحدا وسبب خيبتنا هي تجميد الدين فلم نجد من يقدم نظرية إقتصادية حقيقية تغير من الواقع وهى موجودة بكل تأكيد ولكن من يسمح لها بالخروج من النور والظلاميون يتربصون لكل من يريد أن يفكر بشكل جديد.
أين هي النظريات العلمية التي تتماشى مع القرن الحالى؟؟؟
"ويتفكرون فى خلق السموات والأرض،ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك" الآية.
"والشمس تجرى لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم" "لا الشمس ينبغى لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل فى فلك يسبحون"
           "ولقد كرمنا بنى آدم وحملناهم فى البر والبحر"
هذا قليل من كثير لا يحصى وهل كل هذه الآيات لنختصر الدين فى شكل أو مظهر أو تفسير واحد؟؟؟؟
إن الله عز وجل أعظم من تختزل كلماته على معنى واحد بل إن الكثير من الآيات تستخدم أسلوب الرمز وهذا يتطلب البحث بمنظور متجدد ورؤى متعددة.
فما معنى التفكر والتدبر والتأمل والتعقل والنظر فى القرآن وكيف يخشى العلماء ربهم؟؟؟؟
كنتم خير أمة أخرجت للناس تعنى أن تأخذ بيد الناس بما فيهم الكافر والملحد وأن تتكامل معهم وأن لا تميز نفسك مثل بنى إسرائيل الذين ميزوا أنفسهم فكان نتاج ذلك عنصرية يستحلون بها أي شيئ بما فيها أرواح البشر من أجل تحقيق أهدافهم
إن فقدان الأخلاق فى المجتمعات نتيجة الجهل وعوامل الفقر والتعليم والإستعمار والإستحمار والإستهداف والحقد والحسد والتعصب هو ما أفقدنا الرؤية الرشيدة كـ "مسلمون" لأن القرآن كتاب معجز بكل حرف فيه وكل أية لها حساب متقن
         " كتاب أحكمت آياته" "ما فرطنا فى الكتاب من شيئ"
 و لنلتفت إلى قول الله عز وجل:
  "ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر"
ولم يقل جميعكم وهذه الأمة ليست هي فقط الناجية والفائزة برضوان الله بل أيضا هناك صناع الحياة ويجب أن يكونوا كثرة،هم من استخلفهم الله لتغيير واقع الأرض لواقع أفضل من حيث إعمار الأرض وتجميلها وجعلها بيئة تتناسب مع عطاء الله للبشر الذين كرمهم وحملهم فى البر والبحر.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم
                           "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"
ولم يقل أنه آتى بأخلاق جديدة وسيستبدلها.
إن حقيقة الأديان هي الخلق فى التعامل مع من خلقك وفى التعامل مع كافة البشر والأجناس الأخرى وما إقامة الحدود إلا على الذين لا يقيمون الوزن للأخلاق فيقتلون وينتهكون الأعراض والحرمات ويسلبون الناس أفكارهم.
أدعو الناس أن يعطوا لخيالهم الأفق الواسع فى استقبال كلمة الله ولا يكونوا مرددين باحثون عن الحسنات بعدد الحروف وهم فى سكرتهم دون وعى للمقاصد.
إفتح عقلك واستمتع بحياتك طالما تدرك معنى الخلق واعلم أنك مسئول ولا تنصاع لمن ظلم نفسه وعقله وهو لا يعي أنه يريد ظلمك ويريد أن يحبسك ظنا منه أنه على مراد الله وأنه نال التوكيل من الله بأن يكون نبيا على الأرض وهو ليس كذلك.
الأخلاق مسئوليتنا جميعا والذين يقومون على الدين كان من الأولى بهم أن لا يتقاضوا أجرا عن الدعوة إلى الله

         "قل لا أسئلكم عليه أجرا إن أجرى إلا على الله"
بل يجب أن يكون لهم أعمال دنيوية فى صناعة الحياة متفوقون فيها بجوار هذه الأعمال التي أجرها على الله
فالأنبياء كانوا يأكلون من عمل يدهم
أما التخصص فهو فى البحوث والمقارنات ودراسة السلوك والمناهج فهؤلاء يحصلون على أجر نظير ذلك لأنه يستدعى التفرغ وهو لفئة العلماء التي تخصصت فى دراسة كيفية الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وهذا يتطلب علماء نفس واجتماع وغيرها بما يحقق مقاصد الأخلاق.
أما علماء الحياة فوجودهم حكمة إلهية فعلى أيديهم تفتح مجالات إقتصادية وعلمية واستكشافية واستشفائية وتطويرية وهم أكثر البشر جدية وأكثرهم أخلاقا ويقولون ما يفعلون وأعمالهم لا تتطلب نفاق بل بحوث مبنية على قواعد علمية لا يمكن الغش فيها.
لا قدسية لبشر فإذا ارتبط عملك بالأخلاق التي هي مراد الله فليس لأحد عليك من سلطان المسلم من سلم الناس والمسلمون من لسانه ويده.
قوة الإسلام العظيمة فى الأخلاق نقلت أمة عربية ليس لها وزن وأمة كانت تقتل الطفلة الأنثى بطريقة لا تعرف الرحمة حيث كانت تدفن فى التراب وهى حية مليئة بالروح فجاء الخلق القرآني ومنع ذلك وأعاد تأهيل الناس خلقيا
                 "وإذا الموؤدة سئلت بآي ذنب قتلت"
 أثبت الإختيار الإلهي لتجربة الأخلاق فى التغيير أنها تصنع من بشر دمويون إلى أسوياء وهذا يشبه لحد كبير أن تجربة فيتامين جديد تم اكتشافه تريد أن ترى أثر قوته فتقوم باختيار ناس ضعفاء ليظهر أثره عليهم أما إذا اخترت بطل العالم فى كمال الأجسام فلن يظهر أثر هذا الفيتامين عليه والمقصد هنا رفعت أخلاق الإسلامة أمة من لا شيئ إلى القمة ولو تنازلت عن الأخلاق فستعود من حيث بدأت.
"الأخلاق صميم الدين والسلوك هو غلاف الدين والعمل هو روح الدين
  إن الأجناس التي بلا أخلاق هي وحوش مفترسة
خالد ابراهيم...مدونة سور الأزبكية

هناك تعليقان (2):

عبيرأمين يقول...

ا/خالد المقال كما ذكرت قليل من كثير فقد وضعت يدك على كثير من النقاط التى تمثل فيها الاخلاق عامل مشترك بين الاخلاق و(العمل ،العلم ،الزمن وطبيعه البشر) ولكل نقطه منهم حديث طويل مع الاخلاق لايمكن اختصاره لذا أرجو ان تعتبر هذا مقالا مجمعا لعناوين تحتاج منك الى تناولها بالتحليل فيما بعد
ولكن انا اختلف معك فى نقطه ذكرتها فى المقال وهى ان الله اختار قبائل الجزيره لتكون مهبط الاسلام لتصبح بمثابه عينه اختبار تثبت صلاحيه الاسلام فى تحويل قبائل لاتتمتع بالاخلاق الى امه زات خلق وحضاره،فالمعروف عن قبائل العرب تمتعهم بالكثير من المزايا الخلقيه من الكرم والصدق ونصره المستجير وكان الرسول يقول جئت متمما لمكارم الاخلاق ولكن كان لديهم من العادات القبيحه مثل وأد البنات والزنا وشرب الخمر ،و هذا لايجعلنا نطلق عليهم انهم كانوا ضعفاء ومفتقدى الاخلاق والا ما قال الرسول عنهم خيركم فى الجاهليه خيركم فى الاسلام اذا فقه
ورأى المتواضع ان الله اختارهم لما فيهم من خلق الشجاعه والمرؤه والتحمل التى اصقلها الاسلام وجعلها فى الحق بدلا ما كانت تنفق فى الباطل والاعتداء على الغير

Khaled Ibrahim يقول...

أ.عبير
شكرا لهذا العبير الذى غمر مدونتى
فى بداية ظهور الإسلام كان هناك حضارتان هما حضارة الفرس والروم فقط وكانت العرب عبارة عن قبائل متشرزمة تغير على بعضها
لكننى أتفق معك على أنه كان للعرب بعض مكارم الأخلاق وأنا قصدت أن أخلاق الإسلام غيرت واقع متشرزم صعب جدا جمعه إلى واقع جماعى حضارى فعال
واقغ من أناس يعبدون أصنام وهى عبادة جاهلة جدا لأنها لم تقدم شيئ(الأصنام)يجعلنا قادرين على وجود قدرة لها
هنا كان العرب هم الأكبر فى "الهبل الفكرى"على مر التاريخ القديم فجاء الإسلام فجعلهم أمة عظيمة
سعيد بتواجدك بكل تأكيد ورأيك موضع تقديرى وأشكرك لروعة عبيرك الفكرى والإيمانى والإنسانى
خالد ابراهيم