الخميس، 28 أبريل 2011

ثمن السكوت وثمن الرفض



     لماذا تنجح الثورة التونسية والثورة المصرية سريعا وتأخر نجاح الثورة الليبية والثورة اليمنية،ولا تزال الثورة السورية قائمة تدفع أغلى الأثمان من الأنفس البريئة،وهل كل ثورة قادمة ستقدم التضحيات الأكبر؟

   فى النموذج الأول الناجح المتأمل للداخل التونسي والمصري نرى أنه كان هناك حركات معارضة  منها ما هو داخل تونس ومصر ومنها ما هو خارجهما مما شكل أرضية لثقافة القدرة على التعبير والأمل فى التغيير مما كون رصيدا متراكما يرى ويحلل قبل أن يحكم،وجعل البحث عن واقع أفضل حلما قائما ينتظر الفرصة،إذ أن التركيبة النفسية للشعبين طموحة تتجاوز حدود الحصار المفروض عليهما من أنظمة مستبدة،لذلك كان وجود حركات معارضة سبب فى لم شمل التوافق الشعبي بين الغالبية العظمى.
   أما فى الحالة الثانية مثل ليبيا واليمن وسوريا،وغيرها من البلاد التي سيأتي عليها الدور،فكانت الأكثرية فى هذه الشعوب تمشى خوفا من الأنظمة داخل الحائط وليس بجانبه،ولم يكن لديهم معارضة بالشكل الكبير فكانت تبعية الأكثرية الشعبية لأنظمة فاسدة،كانت ترسخ لدى هذه الشعوب أنهم أسياد،وأن بلادهم عظيمة،وكان استغلال الدين من هذه الأنظمة الملتصقة بالكرسي إستغلالا خاطئا،بحيث لا يجب الخروج على الحاكم،لأن هذا أمر الله وأنه لا يجب أن تقترب من هذا المصري الذى ينتقد الحكم تستمع ولا تشاهد هذه القناة التى تدعو للفرقة،والإعلام الرسمى لهذه البلاد يتحدث عن الإنحلال الأخلاقى لدى الغرب،ويترك كل الصور المدنية والعلمية،ويتحدث إليهم عن فضائل أوطانهم كذبا،ليجعلهم من أصحاب التفكير المضاد والمعادى لمصالح الجماهير الشعبية،والذى لا يرى سوى ما يراه ولاة الأمور،وبطانتهم،فكان سكوتهم طيلة الفترة الماضية،وجمود أحلامهم،وعدم رغبتهم فى التغيير،هو الثمن لوجود جيوش ليس لديها وطنية بالشكل الحقيقى،وبالتالى فإن الولاء لم يكن للشعب وإنما للإمتيازات التى تمنحها لهم الأنظمة الفاسدة،فتقوم هذه الجيوش بالقتل العمد،والإغتصاب والفتك بالمعارضين.
    ومع العدوى الثورية  اكتشف العرب واقعهم العارى وأحلامهم المجمدة،فاستيقظت داخلهم الرغبة فى التغيير،لكن صدمهم خيانة الجيوش وخيانة القبائل،والحقيقة هذا هو ثمن السكوت طيلة الفترة الماضية.
   بالطبع الدماء التى تراق هى دماء ذكية غالية،لكن لنعلم أن ثمنا غاليا للتغيير لابد أن يقدم وهو دماء الشهداء،ومن لا يحلم ومن لا يقبل بالنقد لابد أن يدفع الثمن بصور متعددة،وتغيير الطباع يختلف فيه الثمن من شعب إلى شعب،بناء على ما قدم وهى سنة الله،يختار ما يشاء لمن يشاء لتغيير الواقع.
   أثبتت الثورة المصرية والتونسية أن الجيش المصرى والتونسى كلاهما كان وطنيا ومن هنا أناشد الجيش السورى أن يعود إلى رشده ويتذكر المهام الوطنية الحقيقية.
   أن الثورة المصرية حققت سلميا ما لم تحققه جماعات متشددة بالسلاح خلال فترات زمنية كبيرة،ومن هنا يتأكد أن ثقافة الشعوب تقوم على قبول المعارضة،وهذ يعنى أن الوطن يغمره التلاحم رغم الإختلاف،وتتعدد فيه الأحلام،لكن الأنظمة غير الوطنية هى دائما التى تروج لمبدأ أن المعارضة خيانة.
   الحاكم بنظامه الذى لا يقبل بالمعارضة،هو خائن والجيش الذى يقتل شعبه هو خائن،والجماعة التى تدعى التدين،وتقتل البشر هى خائنة.
  فكم خائن يحيط بنا ومن منا يقبل بالمعارضة؟
   إن ثمن السكوت على الخطأ أفدح بكثير من ثمن المعارضة للخطأ.


خالد ابراهيم... مدونة سور الأزبكية
http://khaled-ibrahim.blogspot.com

ليست هناك تعليقات: