الثلاثاء، 14 سبتمبر 2010

المرتشى والمتسول

هناك علاقة وثيقة بين المرتشى والمتسول أطرحها مناقشة وفضحا ورفضا وتحقيرا لها وخجلا منها وتنفيسا عما بداخلى وبداخلكم.
المرتشى يحصل على مال أو هدايا عينية ليست من حقه نظير إستغلال منصبه أو علاقته بشخصيات هامة أو تواجده فى عمل مرتبط بالتعامل مع الجماهير وذلك فى إنهاء أعمال قد تأخذ وقتا أكبر مما هو مخصص لها فى الوضع الطبيعى أو نتيجة رغبة مقدم الرشوة فى الحصول على منافع إستثنائية ليست من حقه أو هربا من سلطان القانون الضعيف أو أخذ حق أو محاولة الإنتقام وغيرها مما نسمع ونرى فى عالمنا المعاش والمحيط.
المتسول يأخذ المال من كل الطبقات بإلحاح وإستجداء متظاهرا بالحاجة الشديدة والألام المبرحة ومتظاهرا بالتوكل على الله وتقديم الدعاء الذى يمس قلبك وتستشعر انه لو أصابتك دعوة منه فأنت داخل الجنة لا محالة والمتسول مضيع لحق الفقير.
والحقيقة هناك تشابه كبير بين المرتشى والمتسول فكلاهما يجيد أدوات النصب على الحقوق الطبيعية للبشر وكلاهما يأخذ ما ليس من حقه وإن كان التسول جرم أقل من جرم الرشوة ولا يعاقب عليه القانون،فالمرتشى يعطى حق لغير صاحبه والمتسول يأخذ حقا هو ليس صاحبه بل صاحبه الحقيقى هو الفقير.
جريمة الرشوة لها عنصران مقدم الرشوة(الراشى) وثانيهما المرتشى ومقدم الرشوة إنسان طماع إستغلالى ضعيف الشخصية يريد الصعود لأنه محطم داخليا ونفسيا،والمرتشى متسول بلا أخلاقيات يبيع الضمائر مقابل المال وهو إنسان بلا قلب وليس لديه مانع فى أن يظلم ويقتل من أجل المال.
المتسول هو إنسان سلبت منه كرامته فلم يطلب حاجته بعفة العمل والقول وتنازل عن كرامته بالتواجد بين أصحاب الذات المحترمة ورضى بالكسب بتعبيرات المذلة البليغة والمستفزة لمشاعر الناس.
المجتمع الأنانى الظالم للفقراء المستفز للمشاعر بالطبقية والغنى الفاحش لطبقة دون أخرى هو مجتمع تتوارى فيه الأخلاقيات رويدا رويدا،وتتحول طبقته الوسطى التى هى عماد أى مجتمع إلى مرتشين وتتحول الطبقة الفقيرة فيه إلى منافقين ومتسولين و متوسلين إلا القليل الذى يعانى كمدا ويموت قهرا ومرضا بمرور الوقت،أما طبقته العليا وصفوته التى تتحكم فى كل شيى فتستمد المعلومة عن الفقراء من الطبقة الوسطى وهذا دليل عن بعدهم عن الواقع وعن العدالة وفقدانهم الشعور بالمسئولية تجاه الضعفاء ورضائهم بخريطة الواقع التى رسموها من أجل أن يظل الفقير فقيرا والغنى غنيا.
وهنا أطرح لماذا لا يكون القضاء على الرشوة هدف قومى وليس قانونى فقط ولماذا لا نخصص حصص إعلامية وتعليمية لفضح المرتشين ولبيان أفعالهم وخصالهم حتى ينشأ جيل يخجل من هذه الصفة التى وصلت إلى حد الشعور بأنك لن تستطيع القيام بقضاء مصالحك دون أن تقدم رشوة فى كافة القطاعات المتعلقة بالتعامل مع المواطنين.
من هنا المتسول الصغير حاليا سيكون مرتشى كبير لو أتيحت له الفرصة وحصل على موقع ومكان يسمح له بذلك.
المرتشى هو شحاذ كبير ونصاب كبير كان يوما ما متسولا صغيرا وأتيحت له الفرصة للظهور بدور المهم والمخلصاتى والأكيد أنه يتناسل ورثة لهذه الصنعة التى تدر ذهبا على صاحبها لذلك فهو حريص على الوصول لأهدافة ولو كان الثمن ضياع المجتمع.
بلا شك هناك ضمائر لا زالت لم ولن تموت.
هى رسالة أوجهها فهل من مجيب
خالد ابراهيم محمد
مدونة سور الأزبكية http://khaled-ibrahim.blogspot.com

هناك 11 تعليقًا:

غير معرف يقول...

أنا اوافقك فيما ذكرت فهم عناصر تضر بجر اجيالنا القادمة والتي لن يكون لها قدر كبير من الوازع الديني الذي نشأنا عليه واصبح جزء من قناعاتنا قلاجيال القدمة ليس لديها الوقت لتقف واتنظر وترفض كل ما هو شاذ وغير منطقي

غير معرف يقول...

أنا اوافقك فيما ذكرت فهم عناصر تضر بجر اجيالنا القادمة والتي لن يكون لها قدر كبير من الوازع الديني الذي نشأنا عليه واصبح جزء من قناعاتنا قلاجيال القدمة ليس لديها الوقت لتقف واتنظر وترفض كل ما هو شاذ وغير منطقي

غير معرف يقول...

أستاذي الفاضل أشكر لك جميل ترحيبك بالقراء ولكني أجد هنا فرقا بين المتسول والمرتشي فالمرتشي أعظم خطراَ لأنه يغتصب حقاَ للناس ويعطيه للمتنفذين فهو يعتدي على آمال الناس ويسرق جهدهم وحقوقهم وهو ذاهب بالمجتمع إلى الهلاك والبغض والمحرقة مقابل حفنة من المال الحرام الذي لا حق له فيه ...مجدداَ أشكر لك نبيل مقصدك وجهدك وتحية ...

غير معرف يقول...

الرشوة
هى نوع من أنواع الفساد فحينما تظهر الرشوة فى مجتمع فبشرة بالإنهيار والسقوط .
قال صلى الله عليه وسلم : لعن لله الراشي و المرتشي و الواسط بينهما .
وان من أهم اسباب الرشوة بالنسبة للراشى الجهل بالحقوق الفردية للمواطنين ومعرفة الحكم الشرعى فيها و ضعف الوازع الديني.
إلا ان الراشى قد يكون معذورا مرغم عنة من أجل الوصول إلى حقه الضائع او الذى سيضيع .
وبالنسبة للمرتشى :من اهم اسبابة فساد الانظمة والحكومات وسوء الحالة الاقتصادية وقلة الاجور و غلاء المعيشه وقد يكون الطمع و قلة الضمير وإهدار الكرامة .

وبشكل تحايلى تم تغير المسمى ( رشوة إلى اكراميه , بقشيش , هديه الشاى ياستاذ الحلاوة ياريس كل سنة وانت طيب ) .

و التسول
هو طلب مال، طعام، من عموم الناس باستجداء عطفهم وكرمهم .
وهو ظاهرة اجتماعية اعتاد عليها الناس في معظم أنحاء العالم حينما بد أت تظهر الفوارق الطبقية .
و أسباب ظاهرة التسول تعود بشكل أساسي للفقروالبطالة وقلة الحال.

واغلب دول عالم تمنع التسول وتكافحه لأنة قد يدفع إلى الجريمة وبكل أشكالها فهو بداية الطريق للانحراف .
ولعلاج هذة الظاهرة لابد من تأهيل المتسول وتعليمة حرفة يستعين بها فالتسول لا تستطيع التخلص منه الا بسد حاجة المتسولين .

تحية طيبة استاذنا الفاضل خالد و عيد سعيد .

د – وائل عبد العظيم .

yagoubabduelrahman يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عزيزي لو كنت تعرف معنى للحاجه لعرفت الفرق بين المرتشي والمتسول المحتاج لان ياكل او يتعالج او غير ذلك والا لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اعطي السائل ولو جائج على ظهر فرس ثم ان من المومنين رجال اختصهم الله لقضاء حوائج الناس وان الله سائلك يوم القيامه الم اتك فلم تعطني وما انت الا وكيل لمال الله الذي هو ليس لك الا بالوكاله والموضوع طويل ويستحق البحث لكن ليس الامر كما تظن
يعقوب السودان

Khaled Ibrahim يقول...

غير معرف
أشكرك جدا على الحضور وإن كنت دائما أحب التعامل مع الناس بأسمائهم ولكن حضورك وتعليقك شرفنى
خالد

Khaled Ibrahim يقول...

المبدعة الرائعة نبيلة حمد
تعليقك إضافة قيمة للموضوع وكعادتك رائعة ابداعا وتعليقا وروحا وتواضعا
أشكرك جدا على سمو تواجدك وقيمة الكتابة وروعة التعبير وعيد سعيد ودائما سأنتظر هذا التواجد الرائع
خالد

Khaled Ibrahim يقول...

صديقى الصدوق الرائع د – وائل عبد العظيم
دائما ما تقدم شرحا وافيا وتغطية أكبر لموضوع ودائما ما يكون تعليقك جزء أساسى من الموضوع
سأظل أعتز بتواجدك وصداقتك وكل عام وحضرتك بخير
خالد

Khaled Ibrahim يقول...

أخى الكريم yagoubabduelrahman
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
طبعا لسنا مختلفين فى الهدف لكن التعبير يقول أن الفقير هو كما يقول الله عز وجل عن الفقراء (تحسبهم أغنياء من التعفف)وهناك فارق بين المتسول والفقير لكن ليس كل المتسولين نصابين ولكن أكثرهم لكن لو تعففوا ووجهوا طاقتهم الى الكسب بطريق مشروع لاستطاعوا
وصدقنى المتسول لا يمكن أن يتنازل عن هذا الطبع ولو أصبح غنيا لأنها مرض نفسى
اما السائل فهناك تقدير داخلى عقلانى يدعوك دائما اليه الدين لتعرف على من تنفق ومن تعطى
ولك الحق فى قبول ما يعرض أو عدم قبوله لكن يبقى ان مداخلتك ستثير داخلنا البحث عن الأفضل والأجود
وتقبل تقديرى واحترامى وكل عام وأنت بخير وتحية الى السودان وأهله جميعا
خالد

غير معرف يقول...

أخى الحبيب خالد
السلام عليكم
موضوع يطرق بذكاء على مشكلتين في آن (عصفورين بإصابة واحدة) ولا ادري ايهما أشير إليه، فكلاهما شر مستطير لكن ننظر كما ذكرتم من انتج تلك الظواهر المؤسفة إنه واقع مجتمعى بائس
أين نذهب
شكرا لمدونتك الجادة، ولطرحك السلس
دمت لنا بخير
خالد جوده

Khaled Ibrahim يقول...

صديقى العزيز والرائع خالد جودة
حضورك هو الدافع الهام لجعل المواضيع التى تطرح جادة كونك مبدع وناقد كبير
أشكر لك اهتامك ومتابعتك التى أعتز بها
تقديرى ومحبتى
خالد